هل العمل الخيري في بلادي قطاع ثالث ؟

على هامش ندوة عقدتها جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالتعاون مع مؤسسة الشيخ عبد الرحمن الراجحي الخيرية بالدمام عن العمل التطوعي وآفاقه تضمنت عددا من أوراق العمل ألقاها عدد من خبراء العمل التطوعي في دول أمريكا وبريطانيا وأستراليا كشفوا فيها عن مكانة العمل التطوعي في تلك الدول وإلتزامات القطاعين الحكومي والأهلي لهذا القطاع بوصفه قطاعا وسيطا بينهما، قمت بتسجيل مقارنة بين وضع القطاع التطوعي في تلك الدول ووضعه في دول العالم العربي والإسلامي، فعلى الرغم أننا سبقناهم إلى ترسيخ مفهوم النفع المتعدي للأفراد والمجتمعات بل وحتى للحيوانات من خلال تعاليم الإسلام التي تدعو المسلم إلى تقديم الخير ونفع الآخرين وترتيب الأجور العظيمة على ذلك فعلى الرغم من ذلك إلا أن مؤسسات العمل التطوعي والخيري عندنا تواجه مشكلات جوهرية سواء في مواردها البشرية والمالية - ولا شك أن الأولى هي بنت الثانية – أدى ذلك إلى ضعف في كثير من الأحيان في مخرجاتها. وإليكم بعض المقارنات السريعة بين واقع هذا القطاع الحيوي عندنا وعندهم : - عندهم يلقى العامل في هذا القطاع إجلالاً وإحتراما من الجميع ، بل ثمة وزراء وخبراء وأثرياء انخرطوا فيه وتفرغوا له ، حتى خارج بلادهم أما عندنا فإن النظر الدونية للعاملين في هذا القطاع هي السمة العامة ، وكأنه ملاذ من لا وظيفة له أو لا قدرات تؤهله للقطاع الحكومي أو الخاص. - عندهم يقوم القطاع العام بكل مؤسساته بكافة التسهيلات التي تعينه على أداء عمله وتعفيه من كل الالتزامات المالية ونحوها، ومن ذلك الإعفاء من الضراب للأفراد والمؤسسات التي تقدم الدعم لهذا القطاع . أما عندنا فإن مؤسسات العام ربما تحرم هذا القطاع أهم الضروريات بحجة أنه قطاع خيري !! فلا إعفاء من رسوم أو فواتير خدمات أو نحو ذلك مما يلزمه بأعباء كبيرة كأكبر شركات النفع الخاص. - عندهم تلزم شركات النفع الخاص بتقديم الدعم الضروري ورعاية القطاع التطوعي بحنان ورعاية ، فتكفيه مؤنة البحث عن الإيرادات المالية وتطوير الكفاءات البشرية عبر ما يسمى بالشراكة و المسؤولية الاجتماعية ، ولذا فهو متفرغ بكل قواه وقدراته إلى جودة المخرجات وخدمة المستفيد فوق ما يتوقعه. أما عندنا فطلاق بائن وجفاء دائم من القطاع الخاص للقطاع الخيري فيكاد لا يذكر دعم من الشركات والمؤسسات الربحية لهذا القطاع . ومن هنا فإننا لنأمل إعادة النظر في مسؤولية القطاع العام والقطاع الخاص نحو رعاية ودعم القطاع الخيري على النحو التالي: - يقوم القطاع العام ومؤسسات الدولة بتقديم التسهيلات النظامية والفسوحات والإعفاء من الرسوم وفواتير الخدمات للقطاع الخيري. - وتقوم الشركات والبنوك والتي استفادت من خيرات هذه البلاد حكومة وشعباً الشيء الكثير بما يجب عليها نحو الرعاية والدعم من خلال تكليف كل شركة أو بنك برعاية كاملة لعدد من المؤسسات الخيرية حسب رأس مالها. إن مسؤوليات القطاع الخيري تتطور يوماً بعد يوم ويكثر المستفيدون منه سواء في الجوانب الأسرية والتربوية والمعيشية والاحتياجات الخاصة والعلاجية ونحوها، وهي تقوم برسالة أكبر من إمكانياتها البشرية والمالية ، ومهما كان حجم الدعم الفردي والشخصي ودعم المؤسسات المانحة إلا أنه تظل حاجة هذا مؤسسات هذا القطاع أكبر بأضعاف مما يصلها من هذا الطريق الخاضع للظروف والتقدير الشخصي. لذا أقولها وبعد تأمل وسبر إن وضع القطاع الخيري مؤذن بمستقبل غير سار له، تجعله بعيداً أن يكون قطاعاً ثالثا ولا رابعاً ، بل صفراً إن لم يتم تداركه بالدعم الكافي وإلزام القطاع الخاص بشكل عاجل بالقيام بمسؤوليته الاجتماعية على وجهها الصحيح ، وألا يقتصر دوره على الرعاية الدعائية للمهرجانات والاحتفالات لبعض المؤسسات الحكومية فحسب ولكن يلتزم بتقديم ما يضمن وصوله مباشرة إلى المواطن المحتاج والأسرة المتفككة والطفل اليتيم والشاب الأيّم والفتاة العانس والمعوق القاصر، والجاهل المبتغي العلم عبر مؤسسات القطاع الخيري المتنوعة والمتعددة .

مشاركة على حسابات التواصل الاجتماعى