الدكتور ياسر قاري .. جمعية أسرة ستكون نموذجاً للجمعيات بالمملكة , ولديها نظرة شاملة للأسرة
تتشرف وحدة التواصل والإعلام بجمعية ” أسرة ” ببريدة بإجراء لقاء صحفي مع أبرز المختصين بشؤون الأسرة الدكتور ياسر قاري ..
-
ياسر قاري : جمعيات الزواج تدار بفكر قديم و جمعية أسرة ستكون نموذجا للجمعيات في المملكة
-
لم يعلموننا الإدارة المالية والمسؤولية تقع على المختصين والمستشارين وأئمة المساجد
بداية يادكتور حدثنا عن مرئياتك عن جمعية ” أسرة ” بحكم زياراتك المتكررة لها ؟
بداية أشكر الأخوة في جمعية أسرة على حسن ظنهم وثقتهم فيما أطرح , حيث إن هذه هي الزيارة الثانية لي خلال أربعة شهور فقط , حيث أتيت في المرة الأولى لتقديم برنامج عن كيفية الطلاق ، أما هذه المرة فكان الموضوع عن الحرية المالية كما أود أن أنوه إلى نظرة الأخوة منسوبي أسرة الشاملة إلى الرعاية الأسرية والانتقال من مرحلة تقديم القروض وتأهيل المقبلين على الزواج إلى مرحلة جديدة تعنى وتهتم بإدارة الأسرة وإكساب الناس مجموعة واسعة من المهارات تشمل إدارة المال وتربية الأبناء والطلاق ، نظرا لكونها الوظيفة الأهم في حياة الإنسان ، وهذا التوجه لا تكاد تراه في الجمعيات المماثلة. ختاما ، أكرر شكري للأخوة في الجمعية فهم أصحاب فضل لإتاحة الفرصة لي للوصول للناس من خلال هذه البرامج.
ماذا عن شريحة المتدربين ؟
حقيقة الأمر ، في الزيارة السابقة كان البرنامج عن كيفية الطلاق وهو موضوع صعب وحساس. وعموما ، فإن توقيت إقامة البرامج التدريبية بعد صلاة العصر وخلال أيام العمل يجعل من الحضور أمرا صعبا جدا على الراغبين ، نظرا لوجود دوام رسمي في الصباح لدى معظمهم. لذلك كان الحضور تلك المرة نخبوياً ، أي إن أغلبه من المعنيين بشؤون الزواج والأسرة من المدربين والمستشارين. وأتمنى أن تصل مثل هذه البرامج الى جميع شرائح المجتمع وبخاصة تلك المعنية بالتوجيه والإرشاد مثل أئمة المساجد والمصلحين والمستشارين الأسريين. أما بالنسبة لموضوع اليوم عن الحرية المالية ، فقد ذهلت من الحضور المكثف ، وخصوصاً من جانب الشباب ، مما يعكس حجاتهم الماسة لبرامج عن المهارات الحياتية تلبي وتتناسب مع تطلعاتهم.
عرف عن الدكتور ياسر اهتمامه وتخصصه في قضايا الأسرة والحياة الزوجية .. بنظرك ماهي أهم مقومات الأسرة السعودية , وماهي أبرز التحديات والمخاطر التي تواجهها ؟
أنا لست باحثاُ ولا متخصصا في هذا المجال , فقد دخلت إليه من الباب الخلفي كما يقال وذلك عن طريق برنامج إدارة الأسرة , ثم تطور الأمر بعد ذلك وقدمت برنامج مفاتيح العلاقات الزوجية الناجحة ، والذي اعتمدت في جله على الكتاب الأكثر شهرة حول العالم وهو (الرجال من المريخ والنساء من الزهرة لمؤلفه جون جراي) ، فأنا لا أقدم الاستشارات لأنني لست متخصصاً وليس لدي احصائيات في هذا المجال , لكني أقدم للناس الأمور التي تغيب عنهم.
لكني أريد أن أضيف شيئاً , فنحن هنا في مجتمع محافظ تطغى عليه الصبغة الدينية ، كما إن جرعة التوجيه الديني عالية جداً ، فمن المفترض ألا توجد لدينا هذه المشاكل. لكن وبكل صراحة فإن لدينا فجوة كبيرة بين النظرية والتطبيق ، حيث توجد مثلا أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالعلاقة الجنسية بين الزوجين ، لكن لا يذكرها المشايخ والدعاة للناس من باب الحياء وهذا خطأ , فالمدارس لا تتحدث عن هذا الموضوع ولا الجامعات أو الجوامع ، فكيف سنعلم أبنائنا إذن ؟ يجب أن يكون اللوم أولاً علينا نحن كمصلحين ومستشارين أسريين ودعاة ومشايخ قبل أن نلقي باللوم على المجتمع.
من خلال مشاركاتك وزياراتك لجمعيات الرعاية الأسرية والزواج في عدد من مناطق المملكة .. ماهو تقييمك للدور الذي تقوم به ؟ وما هي أبرز التحديات أمامها ؟
الجمعيات قامت على غاية نبيلة جداً تشكر عليها ويؤجر من بادر بها , ألا وهي تقديم القروض للشباب لمن لا يستطيع بسبب تكاليف الزواج العالية. لكن بعد ذلك تطورت المسألة والتفت الجمعيات إلى التأهيل فدخلت مرحلة جديدة ولكن على مضض ، ودعني أقول (تأهيل) بين قوسين لأن لدي تحفظ على التأهيل الحالي ، إذ إن ما يحصل ليس تأهيل بقدر ما هو حضور برنامج معلومات فقط , بينما المفترض وما أريده - شخصيا - من الحضور هو أن يتعلم مهارة. الجمعيات بالطبع تشكر على العمل التي تقدمه ، لكنها لازالت تعمل بفكر قديم نفع في مرحلة سابقة وقد انتهت.
أعتقد أنه آن الأوان للجمعيات أن تأخذ البيت كما يقال (مقاولة) , من قبل الزواج وأثنائه … وحتى النهاية. فقد سبق وأن أعددت دراسة لجمعية الأسرة في المنطقة الشرقية (وئام) عن برامج التدريب والتأهيل للزواج حول العالم ، وقارنت بين خمس دول هي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وكندا وماليزيا وأستراليا ، ووجدت أن لدى هذه الدول برامج للأسرة تبدأ من قبل الزواج إلى ما بعد الوفاة.
وعليه فإني أؤكد على أمر مهم وهو أن التدريب على مهارات الأسرة يشبه تماما المسار التدريبي للموظف في عمل ما ، حيث يتعين عليه اجتياز دورات تخصصية وسلوكية معينة كل سنتين أو ثلاثة من أجل ترقيته لمنصب أعلى ، حيث إن مهام ذلك المنصب تختلف حتما عما يمارسه حاليا ، ولذلك وجب تهيئته للمرحلة التالية. وبالنسبة للزواج ، فينبغي تعليم الشخص ماذا يفعل قبل أن يتزوج وكيف يختار ويعرف تبعات كل ذلك مستقبلا ، بل إن أولياء الأمور يحتاجون إلى معرفة كيف يختبرون المتقدم للخطبة ، وهذه مجرد أمثلة فقط.
كما يجب أن يعرف الشخص ماذا يعني الزواج بالنسبة للأمور المالية وتربية الأبناء وفترات المراهقة واختيار التخصص الجامعي ومن ثم الوظيفة أو التجارة ، وكذلك التخطيط للمستقبل وللأسرة ماليا وعلميا. كل هذه المراحل وغيرها لم يتعلمها الشخص طوال حياته الدراسية , في يحتاج إلى الدراسة لمدة خمس سنوات في الجامعة حتى يحصل على درجة البكالوريوس من أجل أن يعمل موظفاً لثلاثين عاماً , بينما وفي المقابل ، لم يحصل على تدريب لمدة (5) أشهر ليصبح زوجاً وربا لأسرة لمدة تتجاوز الأربعين عاماُ ، وهذا ليس عدلاً بل ظلم للأجيال !
إذن الدكتور ياسر يعد لبرنامج استراتيجي للأسرة المسلمة من النشأة حتى الوفاة ؟
الحقيقة هي أنه سبق وأن قمت مع الزملاء في جمعية الأسرة في مكة المكرمة بعقد سلسلة ورش عمل لمدة أربعة أسابيع ، وخرجنا بالمحاور الأساسية لبرنامج شامل للأسرة من قبل الزواج وحتى الوفاة ، وقسمنها وبشكل علمي إلى 6 أو 7 مراحل على 30 عاما ، ووضعنا لكل مرحلة برامج تدريبية تخصها ، ولكن المشروع لم ير النور حتى الآن.
لكن بعد الحج هذه السنة سنعقد بمشيئة الله ورشة عمل مع الأخوة في جمعية “أسرة” بالقصيم بهذا الشأن ، وقد تحدثت مع أخي الفاضل الدكتور محمد السيف بهذا الموضوع وسنعمل على هذا المشروع ليتم رفعه للوزارة وللممولين ، ونقول لهم إن نجح في القصيم ،فطبقوه على بقية مناطق المملكة.
لاحظنا كثافة الحضور في دورة الحرية المالية مالسبب بنظرك ؟
السبب هو أن الناس تبحث عن الإستقلال المالي سواء كان الشخص طالب أو موظفا، وهذا أيضا يعطينا دليل واضح على أننا لم نجد خلال سنوات أعمارنا من يعلمنا هذا النوع من المهارات الحياتية ، لا في المدرسة أو الجامعة أو المسجد أو المراكز الصيفية ، وكأن المال شيء محرم أو منكر ؟ أو كأننا نقول لا داعي لهذا التعليم فالموظف قادر على إدارة أمواله وهذا خطأ ، أو أن الوظيفة هي المجال الوحيد المتاح أمام الشخص لكسب المال ، وهذا خطأ أكبر وأفدح من سابقه.
تكررت زيارتك لمدينة بريدة .. ماهو الإنطباع الذي رسمته في ذهنك عنها وعن أهلها ؟
أتيت هنا للمرة الأولى عام 1420هـ تلبية لدعوة كريمة من الإخوة في جمعية تحفيظ القرآن الكريم ، ثم أتيت للمرة الثانية هذا العام. وفي الحقيقة البلد تغير بشكل ملحوظ من ناحية الجسور والشوارع وبعض المشاريع التطويرية , لكن دعني أقول لك شيئاً أنا رجل قناعتي الشخصية أن التطوير لا يكون في الحضارة الإسمنتية بل الإنسانية ، فهناك يكون التطوير الحقيقي. وإني أفضل مدينة عادية وببنية تحتية متواضعة وفيها أناس يعاملوك كإنسان ، على مدينة كبيرة مملوءة بالمنشآت , فالمدن بأهلها وتعاملهم ورقيهم الحضاري وليس بمنشآتها.