إصلاح ذات البين ( 3 )
لما كان نفع إصلاح ذات البين متعدياً،وخيره عميماً ، وفائدته شاملة ، صار أجره عظيماً، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في فضله: ( كل سلامى من الناس عليه صدقة ) كل مفصل من مفاصل الإنسان من هذه العظام عليه حقٌ واجب يجب على العبد أن يؤديه لربه شكراً على إنعامه على العبدية : (كلُّ سلامى من الناس عليه صدقة كل يومٍ تطلع فيه الشمس؛ يعدل بين اثنين صدقة) فإذا أصلح بينهما وعدل بينهما، أتى بصدقة من هذه الصدقات، وأدى بعض ما عليه من الحق.
فقه الإصلاح . الإصلاح عزيمة راشدة ونية خيرة وإرادة مصلحة ، والأمة تحتاج إلى إصلاح يدخل الرضا على المتخاصمين ، ويعيد الوئام إلى المتنازعين ، إصلاح تسكن به النفوس وتأتلف به القلوب ، ولايقوم به إلا عصبة خيرة من خلق الله ، شرفت أقدارهم ، وكرمت أخلاقهم ، وطابت منابتهم ، وللإصلاح فقه ومسالك دلت عليها نصوص الشرع وسار عليها المصلحون المخلصون ، ومنها :
1. استحضار النية الصالحة وابتغاء مرضاة الرب جل وعلا ” ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله نؤتيه أجرا عظيما ” [ النساء : 114 ]
2. تجنب الأهواء الشخصية والمنافع الدنيوية فهي مما يعيق التوفيق في تحقيق الهدف المنشود .
3. لزوم العدل والتقوى في الصلح ، لأن الصلح إذا صدرعن هيئة اجتماعية معروفة بالعدالة والتَّقوى وجب على الجميع الالتزام به والتقيُّد بأحكامه إذعاناً للحقِّ وإرضاءً للضمائر الحيَّة ” فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا ” [ الحجرات : 9 ]
4. أن يكون المصلح عاقلا حكيما منصفاً في إيصال كلِّ ذي حقٍّ إلى حقِّه مدركا للأمور متمتعا بسعة الصدر وبُعد النظر مضيقا شقَّة الخلاف والعداوة ، محلا المحبَّة والسلام .
5. سلوك مسلك السر والنجوى ، ولئن كان كثير من النجوى مذموماً إلا أنه في هذا الموطن محمود ” لاَّ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَـحٍ بَيْنَ;لنَّاسِ ” [ النساء :114] .
6. الحذر من فشو الأحاديث وتسرب الأخبار والتشويش على الفهوم مما يفسد الأمور المبرمة والاتفاقيات الخيرة ، لأن من الناس من يتأذى من نشر مشاكله أمام الناس ، وكلما ضاق نطاق الخلاف كان من السهل القضاء عليه.
7. اختيار الوقت المناسب للصلح بين المتخاصمين حتى يؤتي الصلح ثماره ويكون أوقع في النفوس .
8. أن يكون الصلح مبنيا على علم شرعي يخرج المتخاصمين من الشقاق إلى الألفة ومن البغضاء إلى المحبة .
9. التلطف في العبارة واختيار أحسن الكلم في الصلح ولما جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِي الْبَيْتِ فَقَالَ: أَيْنَ ابْنُ عَمِّك ؟ وفيه دليل على الاستعطاف بذكر القرابة .
10. استحباب الرفق في الصلح وترك المعاتبة إبقاء للمودة ، لأن العتاب يجلب الحقد ويوغر الصدور ، وقد كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري : رد الخصوم حتى يصطلحوا فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن “
11. ابدأ بالجلسات الفردية بين المتخاصمين لتليين قلبيهما إلى قبول الصلح مع الثناء على لسان أحدهما للآخر .
- وأخيرا .. الدعاء الدعاء بأن يجعل الله التوفيق حليفك وأن يسهل لك ما أقدمت عليه مع البراءة إليه سبحانه من قوتك وقدرتك وذكائك وإظهار العجز والشدة والحاجة إليه للتأييد والتوفيق .
ميادين الإصلاح .
- في الأفراد والجماعات 2. في الأزواج والزوجات ، 3. بين المتداينين ، 4. في الأقارب والأرحام ،
- في القبائل والطوائف ، 6. في الأموال والدماء 7. في النزاع والخصومات ،
أ / نوال صالح عبدالعزيز الدخيل
(( مصلحه أسرية في وحدة الاصلاح الاسري التابع لجمعية أسره ))